فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قلت: وهذان التأويلان تأولهما العلماء في قول الرجل الذي لم يعمل خيرًا قط لأهله إذا مات فحرقوه: فوالله لئن قدر الله علي الحديث فعلى التأويل الأول يكون تقديره: والله لئن ضيق الله على وبالغ في محاسبتي وجزاني على ذنوبي ليكونن ذلك، ثم أمر أن يحرق بإفراط خوفه.
وعلى التأويل الثاني: أي لئن كان سبق في قدر الله وقضائه أن يعذب كل ذي جرم على جرمه ليعذبني الله على إجرامي وذنوبي عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين غيري.
وحديثه خرجه الأئمة في الموطأ وغيره.
والرجل كان مؤمنا موحدًا.
وقد جاء في بعض طرقه لم يعمل خيرًا إلا التوحيد وقد قال حين قال الله تعالى: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب. والخشية لا تكون إلا لمؤمن مصدق؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. وقد قيل: إن معنى {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} الاستفهام وتقديره: أفظن؛ فحذف ألف الاستفهام إيجازًا؛ وهو قول سليمان أبو المعتمر. وحكى القاضى منذر بن سعيد: أن بعضهم قرأ {أفظن} بالألف. قوله تعالى: {فنادى فِي الظلمات أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: {فنادى فِي الظلمات} اختلف العلماء في جمع الظلمات ما المراد به، فقالت فرقة منهم ابن عباس وقتادة: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة الحوت.
وذكر ابن أبي الدنيا حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: حدّثنا عبد الله بن مسعود في بيت المال قال: لما ابتلع الحوت يونس عليه السلام أهوى به إلى قرار الأرض، فسمع يونس تسبيح الحصى فنادى في الظلمات ظلمات ثلاث: ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر {أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} {فَنَبَذْنَاهُ بالعراء وَهُوَ سَقِيمٌ} كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش.
وقالت فرقة منهم سالم بن أبي الجعد: ظلمة البحر، وظلمة حوت التقم الحوت الأول.
ويصح أن يعبر بالظلمات عن جوف الحوت الأول فقط؛ كما قال: فِي غَيَابَات الْجُبِّ وفي كل جهاته ظلمة فجمعها سائغ.
وذكر الماوردي: أنه يحتمل أن يعبر بالظلمات عن ظلمة الخطيئة، وظلمة الشدّة، وظلمة الوحدة.
وروي: أن الله تعالى أوحى إلى الحوت: لا تؤذ منه شعرة فإني جعلت بطنك سجنه ولم أجعله طعامك وروي: أن يونس عليه السلام سجد في جوف الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر.
وذكر ابن أبي الدنيا حدثنا العباس بن يزيد العبدي حدثنا إسحاق بن إدريس حدثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن سعيد بن أبي الحسن قال: لما التقم الحوت يونس عليه السلام ظن أنه قد مات فطول رجليه فإذا هو لم يمت فقام إلى عادته يصلي فقال في دعائه: واتخذت لك مسجدًّا حيث لم يتخذه أحد.
وقال أبو المعالي: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تفضّلوني على يونس بن متى» المعنى فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه، وهو في قعر البحر في بطن الحوت.
وهذا يدل على أن الباري سبحانه وتعالى ليس في جهة.
وقد تقدّم هذا المعنى في البقرة والأعراف.
{أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} يريد فيما خالف فيه من ترك مداومة قومه والصبر عليهم.
وقيل: في الخروج من غير أن يؤذن له.
ولم يكن ذلك من الله عقوبة؛ لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، وإنما كان ذلك تمحيصًا.
وقد يؤدّب من لا يستحق العقاب كالصبيان؛ ذكره الماوردي.
وقيل: من الظالمين في دعائي على قومي بالعذاب.
وقد دعا نوح على قومه فلم يؤاخذ.
وقال الواسطي في معناه: نزه ربه عن الظلم وأضاف الظلم إلى نفسه اعترافًا واستحقاقًا.
ومثل هذا قول آدم وحواء: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا} [الأعراف: 23] إذ كانا السبب في وضعهما أنفسهما في غير الموضع الذي أنزلا فيه.
الثانية: روى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعاء ذي النون في بطن الحوت {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} لم يدع به رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له» وقد قيل: إنه اسم الله الأعظم. ورواه سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الخبر: في هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجيبه كما أجابه وينجيه كما أنجاهـ. وهو قوله: {وكذلك نُنجِي المؤمنين} وليس هاهنا صريح دعاء وإنما هو مضمون قوله: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} فاعترف بالظلم فكان تلويحًا.
قوله تعالى: {وكذلك نُنجِي المؤمنين} أي نخلصهم من همهم بما سبق من عملهم.
وذلك قوله: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} وهذا حفظ من الله عز وجل لعبده يونس رعى له حق تعبده، وحفظ زمام ما سلف له من الطاعة.
وقال الأستاذ أبو إسحاق: صحب ذو النون الحوت أيامًا قلائل فإلى يوم القيامة يقال له ذو النون، فما ظنك بعبد عبده سبعين سنة يبطل هذا عنده! لا يظن به ذلك.
{مِنَ الغم} أي من بطن الحوت.
قوله تعالى: {وكذلك نُنجِي المؤمنين} قراءة العامة بنونين من أنجى ينجي.
وقرأ ابن عامر {نُجِّي} بنون واحدة وجيم مشدّدة وتسكين الياء على الفعل الماضي وإضمار المصدر أي وكذلك نُجّي النجاءُ المؤمنين؛ كما تقول: ضُرِب زيدًا بمعنى ضُرِب الضربُ زيدًا وأنشد:
ولو وَلَدتْ قُفَيْرةُ جرو كَلْبٍ ** لَسُبَّ بذلك الجروِ الكلابَا

أراد لَسُبّ السبُّ بذلك الجرو.
وسكنت ياؤه على لغة من يقول بَقِي ورَضِي فلا يحرك الياء.
وقرأ الحسن {وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الربا} [البقرة: 278] استثقالًا لتحريك ياء قبلها كسرة.
وأنشد:
خَمَّر الشّيبُ لِمَّتِي تَخْمِيرَا ** وَحَدَا بي إلى القُبور البعِيرَا

ليتَ شِعْري إذا القيامةُ قامتْ ** ودُعِي بالحسابِ أين المصيرَا

سكن الياء في دعي استثقالًا لتحريكها وقبلها كسرة وفاعل حدا المشيب؛ أي وحدا المشيبُ البعير؛ ليت شعري المصير أين هو.
هذا تأويل الفراء وأبي عبيد وثعلب في تصويب هذه القراءة.
وخطأها أبو حاتم والزجاج وقالوا: هو لحن؛ لأنه نصب اسم ما لم يسم فاعله؛ وإنما يقال: نُجِّي المؤمنون.
كما يقال: كُرِّم الصالحون.
ولا يجوز ضُرِب زيدًا بمعنى ضُرِب الضَّربُ زيدًا؛ لأنه لا فائدة فيه إذ كان ضُرِب يدل على الضرب.
ولا يجوز أن يحتج بمثل ذلك البيت على كتاب الله تعالى. ولأبي عبيد قول آخر وقاله القتبي وهو أنه أدغم النون في الجيم.
النحاس: وهذا القول لا يجوز عند أحد من النحويين؛ لبعد مخرج النون من مخرج الجيم فلا تدغم فيها، ولا يجوز في {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} مَجَاءَ بِالْحَسَنَةِ قال النحاس: ولم أسمع في هذا أحسن من شيء سمعته من على بن سليمان.
قال: الأصل ننجي فحذف إحدى النونين؛ لاجتماعهما كما تحذف إحدى التاءين؛ لاجتماعهما نحو قوله عز وجل: {وَلاَ تَفَرَّقُوا} والأصل تتفرقوا.
وقرأ محمد بن السَّمَيقع وأبو العالية {وَكَذَلِكَ نَجَّى الْمُوْمِنِينَ} أي نجى الله المؤمنين؛ وهي حسنة. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَذَا النون}.
وانتصب {مغاضبًا} على الحال.
فقيل: معناه غضبان وهو من المفاعلة التي لا تقتضي اشتراكًا، نحو: عاقبت اللص وسافرت.
وقيل {مغاضبًا} لقومه أغضبهم بمفارقته وتخوفهم حلول العذاب، وأغضبوه حين دعاهم إلى الله مدة فلم يجيبوه فأوعدهم بالعذاب، ثم خرج من بينهم على عادة الأنبياء عند نزول العذاب قبل أن يأذن الله له في الخروج.
وقيل {مغاضبًا} للملك حزقيا حين عينه لغزو ملك كان قد عاب في بني إسرائيل فقال له يونس: آلله أمرك بإخراجي؟ قال: لا، قال فهل سماني لك؟ قال: لا، قال هاهنا غيري من الأنبياء، فألح عليه فخرج {مغاضبًا} للملك.
وقول من قال: {مغاضبًا} لربه وحكى في المغاضبة لربه كيفيات يجب اطّراحه إذ لا يناسب شيء منها منصب النبوة، وينبغي أن يتأول لمن قال ذلك من العلماء كالحسن والشعبي وابن جبير وغيرهم من التابعين، وابن مسعود من الصحابة بأن يكون معنى قولهم {مغاضبًا} لربه أي لأجل ربه ودينه، واللام لام العلة لا اللام الموصلة للمفعول به.
وقرأ أبو شرف مغضبًا اسم مفعول.
{فظن أن لن نقدر عليه} أي نضيق عليه من القدر لا من القدرة، وقيل: من القدرة بمعنى {أن لن نقدّر عليه} الابتلاء.
وقرأ الجمهور {نقدر} بنون العظمة مخففًا.
وقرأ ابن أبي ليلى وأبو شرف والكلبي وحميد بن قيس ويعقوب بضم الياء وفتح الدال مخففًا، وعيسى والحسن بالياء مفتوحة وكسر الدال، وعليّ بن أبي طالب واليماني بضم الياء وفتح القاف والدال مشددة، والزهري بالنون مضمومة وفتح القاف وكسر الدال مشددة.
{فنادى في الظلمات} في الكلام جمل محذوفة قد أوضحت في سورة والصافات، وهناك نذكر قصته إن شاء الله تعالى وجمع {الظلمات} لشدة تكاثفها فكأنها ظلمة مع ظلمة.
وقيل: ظلمات بطن الحوت والبحر والليل.
وقيل: ابتلع حوته حوت آخر فصار في ظلمتي بطنَي الحوتين وظلمة البحر.
وروي أن يونس سجد في جوف الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر، و{أن} في {أن لا إله إلا أنت} تفسيرية لأنه سبق {فنادى} وهو في معنى القول، ويجوز أن يكون التقدير بأنه فتكون مخففة من الثقيلة حصر الألوهية فيه تعالى ثم نزهه عن سمات النقص ثم أقر بما بعد ذلك.
وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلاّ استجيب له» و{الغم} ما كان ناله حين التقمه الحوت ومدة بقائه في بطنه.
وقرأ الجمهور: {ننجي} مضارع أنجى، والجحدري مشددًا مضارع نجّى.
وقرأ ابن عامر وأبو بكر نجى بنون مضمومة وجيم مشددة وياء ساكنة، وكذلك هي في مصحف الإمام ومصاحف الأمصار بنون واحدة، واختارها أبو عبيد لموافقة المصاحف فقال الزجّاج والفارسي هي لحن.
وقيل: هي مضارع أدغمت النون في الجيم ورد بأنه لا يجوز إدغام النون في الجيم التي هي فاء الفعل لاجتماع المثلين كما حذفت في قراءة من قرأ ونزل الملائكة يريد وننزل الملائكة، وعلى هذا أخرجها أبو الفتح.
وقيل: هي فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله وسكنت الياء كما سكنها من قرأ وذر وإما بقي من الربا والمقام مقام الفاعل ضمير المصدر أي نجى، هو أي النجاء المؤمنين كقراءة أبي جعفر {ليجزي قوما} أي وليجزي هو أي الجزاء، وقد أجاز إقامة غير المفعول من مصدر أو ظرف مكان أو ظرف زمان أو مجرور الأخفش والكوفيون وأبو عبيد، وذلك مع وجود المفعول به وجاء السماع في إقامة المجرور مع وجود المفعول به نحو قوله:
أتيح لي من العدا نذيرًا ** به وقيت الشر مستطيرا

وقال الأخفش: في المسائل ضرب الضرب الشديد زيدًا، وضرب اليومان زيدًا، وضرب مكانك زيدًا وأعطى إعطاء حسن أخاك درهمًا مضروبًا عبده زيدًا. وقيل: ضمير المصدر أقيم مقام الفاعل و{المؤمنين} منصوب بإضمار فعل أي {وكذلك ننجي} هو أي النجاء {ننجي المؤمنين} والمشهور عند البصريين أنه متى وجد المفعول به لم يقم غيره إلا أن صاحب اللباب حكى الخلاف في ذلك عن البصريين، وأن بعضهم أجاز ذلك. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَذَا النون} أي واذكر صاحب الحوت وهو يونسُ عليه السلام {إِذ ذَّهَبَ مغاضبا} أي مراغِمًا لقومه لمّا برِمَ من طول دعوته إياهم وشدةِ شكيمتهم وتمادي إصرارِهم مهاجرًا عنهم قبل أن يؤمر، وقيل: وعدَهم بالعذاب فلم يأتِهم لميعادهم بتوبتهم ولم بعرف الحال فظن أنه كذّبهم فغضِب من ذلك، وهو من بناء المغالبة للمبالغة أو لأنه أغضبهم بالمهاجَرة لخوفهم لحوقَ العذاب عندما وقرئ مُغضَبًا {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} أي لن نضيّقَ عليه أو لن نقضيَ عليه بالعقوبة من القدر، ويؤيده أنه قرئ مشددًا أو لن نُعمِل فيه قدرتَنا، وقيل: هو تمثيلٌ لحاله بحال مَنْ يظن أن لن نقدر عليه أي نعامله معاملةَ من يظن أن لن نقدر عليه في مراغمته قومَه من غير انتظار لأمرنا كما في قوله تعالى: {يَحْسَبُ أَن مَالَهُ أَخْلَدَهُ} أي نعامله معاملةَ من يحسَب ذلك، وقيل: خطرةٌ شيطانية سبقت إلى وهمه فسُمّيت ظنًّا للمبالغة، وقرئ بالياء مخففًا ومثقلًا مبنيًا للمفعول {فنادى} الفاءُ فصيحة أي فكان ما كان من المساهمة والتقامِ الحوت فنادى {فِى الظلمات} أي في الظلمة الشديدةِ المتكاثفة أو في ظلمات بطنِ الحوتِ والبحرِ والليل، وقيل: ابتلع حوتَه حوتٌ أكبرُ منه فحصل في ظلمتي بطني الحوتين وظلمتي البحر والليل {أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ} أي بأنه لا إله إلا أنت على أنّ أنْ مخففةٌ من أنّ وضميرُ الشأن محذوف، أو أي لا إله إلا أنت على أنها مفسّرة {سبحانك} أنزهك تنزيهًا لائقًا بك من أن يُعجزك شيءٌ أو أن يكون ابتلائي بهذا بغير سبب من جهتي {إِنّى كُنتُ مِنَ الظالمين} لأنفسهم بتعريضها للهلكة حيث بادرت إلى المهاجرة.
{فاستجبنا لَهُ} أي دعاءَه الذي دعاه في ضمن الاعترافِ بالذنب على ألطف وجهٍ وأحسنه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مكروبٍ يدعو بهذا الدعاء إلا استُجيب له» {ونجيناه مِنَ الغم} بأن قذفه الحوتُ إلى الساحل بعد أربع ساعاتٍ كان فيها في بطنه، وقيل: بعد ثلاثة أيام، وقيل: الغمُّ غمُّ الالتقام، وقيل: الخطيئة {وكذلك} أي مثلَ ذلك الإنجاءِ الكامل {نُنجِى المؤمنين} من غمومٍ دَعَوُا الله تعالى فيها بالإخلاص لا إنجاءً أدنى منه، وفي الإمام نجّى فلذلك أخفى الجماعةُ النون الثانية فإنها تخفى مع حروف الفم، وقرئ بتشديد الجيم على أن أصله نُنجّي فخذفت الثانية كما حذفت التاء في تَظاهرون وهي وإن كانت فاءً فخذفُها أوقعُ من حذف حرفِ المضارَعة التي لِمعنًى، ولا يقدح فيه اختلافُ حركتي النونين فإن الداعيَ إلى الحذف اجتماعُ المِثلين مع تعذّر الإدغام وامتناعُ الحذفِ في تتجافى لخوف اللَّبس، وقيل: هو ماضٍ مجهولٌ أسند إلى ضمير المصدر وسُكّن آخره تخفيفًا ورُدّ بأنه لا يسند إلى المصدر والمفعول مذكور، والماضي لا يسكن آخرُه. اهـ.